حسين شهب
بدأت العلاقة بين حزبي البام و الأحرار تدخل منعطفا قد
يكون الخروج منه صعبا,خاصة في هذه الظرفية التي جعلها الخطاب الملكي استثنائية,عوض
أن تطير الحمامة باحثة عن نور بين السحاب الأسود الذي يغطي سماء المغرب,وعوض أن
ينطلق الجرار في جغرافية البلد يدكّ حجر العثرة..خرج اللبار البرلماني عن البام
يلوّح لمحمد بوسعيد وزير المالية أنه سيفضح ملفات خطيرة تخص بوسعيد عندما كان
واليا بأكادير, الأخير قال للبرلماني “غادي نخرج فيك ونخرج عليك”,هذه التلاسنات
ياسادة لم تكن في مقهى أو حانة أو مطعم..بل تحت قبة مقدّسة في عالم السياسة,لكن
للأسف الشديد لم يتبقى لقدسية قبة البرلمان المغربي إلا الإسم,لأن مثل هذه
الممارسات و سبقها الكثير تجعل الكراسي البرلمانية مناصب وفقط , و لعل هزالة
الحصيلة التشريعية توضح ما لا يحتاج إلى وضوح.. إننا نعيش أزمة سياسية حقيقية
أنتجتها شخصيات “كرتونية” اقتحمت عالم السياسة و هي لا تفقه في السياسة الحقة إلاّ
ما “قلّ.. و زلّ” إن صح التعبير,طريقها نحو المناصب كطريق عبد الله بن سبأ رأس
المنافقين , فابن سبأ كان لا يملك شيئا من الحجة الدامغة و لم تكن لديه فراسة
وذكاء ثاقبين لضرب الدّين فاعتمد على المكر و الكذب و تأبّط النفاق لقضاء ماربه,
هؤلاء السياسيين الذين أعنيهم بالقول “دون تعميم أو مسّ بكرامة الأخيار منهم” لا
يختلفون عن رأس النفاق عبد الله ابن سبأ,فهم يقولون ما لا يفعلون ويخونون الأمانة
, وينكثون العهود,و في حديثهم الكثير من الكذب…إنها ايات المنافق التي تحدث عنها
سيد البشرية صلى الله عليه وسلم:فأيات المنافق ثلاث يقول رسول الله: إذا تحدث
كذب,وإذا اؤتمن خان,وإذا عاهد أخلف..وكثير من السياسيين دخلوا السياسة و ليس في
جعبتهم إلا لسان كاذب جعل له في المداشر و البيوت الفقيرة صدا يصدح و كأنه صوت
الحقيقة. لكن انكشفت الأمور وزالت الأقنعة مع خطاب العرش و ظهر أن من بين
السياسيين اندسّ أمثال عبد الله بن سبأ يظهرون الولاء للوطن و الملك و يضمرون
أنانية وحبّا لذواتهم و ذوات أهليهم فكلما و طأت أقدامهم موضعا أكلوا أخضره و
تركوا يابسه تتقاسمه أفواه الشعب الجائعة. عبد الله بن سبأ عندما ظهر لم تحاربه
إلا سيوف المؤمنين الغيورين على دين الله و إلا كان سيقلب كل الأمور و يجعل أحسنها
طالحا لمكره و ذكائه الممزوجان بالخبث, ولن يطهّر السياسة بالمغرب من أمثال بن سبأ
إلا الأخيار فيها و المناضلين الذين يشهد لهم التاريخ بنبلهم و صدقهم و خدمتهم للوطن.