الحقيقة المرّة التي خلصت إليها بعد بحث عميق ومعاينة ميدانية
طويلة هي أن المجتمع المغربي يعيش حالة تفسّخ خطيرة عن الأخلاق و القيم
الإنسانية , تماما كما تتفسخ الأفعى من جلدها..غدا سيمسي مجتمعنا بلا جلدته
الأصيلة النقية البهية بكرم الأخلاق وحسن المعشر و طيب المقام, غدا سنكون زمرة من
المخلوقات نثير النقع في الرقع,نصارع بعضنا ليموت أضعفنا, ننهش لحم الصبية,و على
الباطل تأخذنا الحميّة…نعم غدا سنكون مصدر إزعاج لبعضنا البعض,نتأبط الرعب في
مقامنا و منامنا, نخشى بطش جرّة القلم أو نفود الدرهم أو ضربة ساطور…إنني أخشى من
الغد القريب إذا ظل المجتمع المغربي يتفسّخ عن الأخلاق و القيم الإنسانية.
لقد أصبح للكثير منّا الجرأة أن يسبّ الله سبحانه و تعالى سرّا
و علانية وهو مطمئن لحاله وعجبا من دولة إسلامية يسب فيها الرحمان الرحيم علانية و
لا ساكن يتحرك وفق القانون الذي يجرّم سبّ الذات الإلاهية ومن تجرأ على الله لن
يجد حرجا أن يتجرأ على أعراض الناس وأموالهم..
لقد أصبح للكثير منّا الجرأة أن يستلّ سيفا ويعتيّ فسادا أمام الملأ
و لا يجد في فساده حرجا ليكرر فعلته مرة و مرة…
لقد أصبح للكثير منا الجرأة ليتحرش بالنساء وكل الأعين تترصده
وأصبحت أرصفتنا جغرافية العهر البيّن و أصبحت زوايا أسوارنا مرحاضا مكشوفا..
لقد أصبحت في مجتمعنا عائلات تقتات من الإجرام و لا تجد في ذلك حرجا..
لقد أصبح الكثير من أصحاب السلطة يغدون و يروحون في سلب حقوق الناس و
استعبادهم, مطمئنين لأن أعناقهم لا تطالها مصقلة المحاسبة..
إن الضمائر تحيا يالأخلاق و الأدب,فمهما بنينا في هذا المغرب الحبيب
من قناطر و عمارات,وبسطنا الطرقات,و أنشأنا المطارات,وشيدنا المستشفات و الجامعات…
ستكون مجرد أطلال إن عمّرها معمّرون بضمائر ميتة..