حسين شهب
بعد التاسع من غشت 1956 تشكلت أول حكومة في تاريخ جمهورية سنغافورة
ليجد كل من “يوسف ابن اسحق “رئيس الجمهورية و “لي كوان يو” رئيس وزرائها
نفسيهما أمام دولة لا تاريخ لها,فقرها تجلّى كتجاعيد الشيخوخة في وجوه السنغافوريين
وبصم بالعشرة في كل زقاق و شارع,وجد لي كوان يو نفسه في قمرة سفينة مثقوبة و عليه
أن يقودها إلى بر الأمان.
بعد التحرر من قبضة المستعمر البريطاني في 1968 انطلق السنغافوريون
بروح التحدي المدعومة بحب الوطن من أجل بناء دولة قوية و إخراجها من هامش خريطة الدنيا,وفعلا
كان ذلك في 1969 انطلقت سنغافورة كذلك النيزك المشع يخترق غمام الجهل و الفقر و
العبودية و الإستبداد,وكانت أربعون سنة كافية لتصبح سنغافورة أهم مركز مالي عالمي
,فيها واحد من أنشط المرافئ في العالم,عاصمتها المدينة الأكثر عولمة في
العالم,الأولى في مؤشر جودة الحياة أسيويا و 11 عالميا,ولها تاسع أعلى احتياطي
العملة الأجنبية في العالم,يعتبر جيشها من الجيوش الأكثر تجهيزا في العالم,احتل
جواز سفرها المركز السادس عالميا و مكّن حامله من دخول 167 دولة دون تأشيرة مسبقة,
وتربعت على عرش السياحة العالمية,و تعتبر من أكثر البلدان نظافة…
في أربعين سنة تمكنت هذه الدولة المقطوعة من الرحم بلا عنوان و لا
هوية أن تصنع لنفسها مجدا ورخاء و هبة تنحني لها الأذقان.
و..المغرب رغم هويته الضاربة في التاريخ و الدولة القائمة منذ مئات
السنين…مازال يتحسس طريقه للإنطلاق..!
في الوقت الذي دأبت فيه سنغافورة و خلال 40 سنة تبني هياكلها لتقوم
الدولة,كان المغرب في أربعينيته بعد الإستقلال يعيش صراعات “داحس و
الغبراء”البليدة بين من يسوس و يتحكم و يكون في المقدمة..القصر يريد..و جيش
التحرير يريد..و السياسيون يريدون..فلعلع الرصاص بينهم و نهش المكر الروابط بينهم
و انقضت أربعون سنة و ضاع الوطن..!!! تماما كحرب داحس و الغبراء التي اشتعل فتيلها
لأن الفرس غبراء سبقت الحصان داحس..ودامت الحرب البليدة أربعين سنة.