بقلم : محمد الحطاب
أضحى
الملك العمومي مستباحاً من طرف الجميع، وبات القضاء على محتليه مستعصياً على
الحكومة، لا سيما أن "الاحتلال" الذي هو جنحة يعاقب عليها القانون، لم
يعد مقتصراً على القطاع غير المهيكل (الباعة الجائلين والفراشة)، بل أن الملك
العام، حوله القطاع المهيكل، تجار وصناع وحرفيين، والإدارات الحكومية، و
المجالس المنتخبة وغيرهم .. إلى ملك خاص، يمارسون فيه التجارة، والصناعة
التقليدية، والخدمات.
بمدينة
بني ملال لا يمكن للمواطن أن يتحرك داخل المدار الحضري دون أن تعترض سبيله العديد
من الحواجز من آليات ولوحات إشهارية و أعمدة كهربائية، وغيرها .. مما يرغم
المواطن على السير فوق قارعة الطريق الخاصة بالسيارات، وهو يعرضه لحوادث السير.
مسؤولية
احتلال الملك العمومي، تتقاذفه السلطة والمجلس الجماعي لبني ملال، أي بين السلطة
التشريعية والسلطة التنفيذية، ويبقى المواطن طبعاً هو الخاسر في هذا النزاع
المفتعل. صحيح أن السلطة لها مسؤولية حماية الملك العمومي، لكنها في نفس الوقت
ترمي باللوم على المجلس الجماعي، وتتهمه يمنح رخص استغلال الملك العمومي بطرق غير
قانونية، كما أن المجالس المنتخبة كانت وراء انتشار الباعة الجائلين، كون هذه
المجالس تستغل هؤلاء الباعة كورقة انتخابية رابحة، مما يؤجج الصراع بين السلطات
والمجالس المنتخبة، الصراع الذي يستغله الخارجون عن القانون، لاحتلال الملك
العمومي.
منذ
أيام استنفرت السلطة المحلية ببني ملال قواتها وأطرها لمحاربة احتلال الملك
العمومي، لكنها اصطدمت بمقاومة قوية من طرف "الخارجين عن القوانين"، كما
أن النتائج لم تكن جيدة ولم يكن لها وقع كبير كما كان ينتظرها المواطنون.
كما أن مساهمة المجلس الجماعي لبني ملال في هذه الحملة كانت سلبية.
المجلس
الجماعي بدل أن يجد حلاً جذريا لظاهرة الباعة الجائلين، ذهب إلى اعتماد مقاربة
ترفيعية كعادته، حيث بدل أن يفكر في بناء أسواق نموذجية لهؤلاء الباعة كما فعلت
بعض المجالس الأخرى ، قرر خلق هذه الأسواق على الملك العمومي الخاص بالراجلين،
بجانب المؤسسات التعليمية، وأيضاً فوق الساحات الخضراء وهذا ما جعل المتتبعين
للشأن المحلي يتساءل : هل بهذه السياسة "العرجاء" يمكن لمجلس منتخب أن
يحقق التنمية ويشجع الاستثمار .. ؟
يعيش
المجلس الجماعي لبني ملال منذ بداية هذه الولاية أزمات على كافة المستويات، وهو ما
جعله، وللسنة الثانية على التوالي، يحقق عجزاً في ميزانيته، الأمر
الذي "يفرمل" تطور الجماعة وتنميتها المستدامة. هذا وتعرف دورات المجلس
ضعف في الحكامة ونقص في الديموقراطية التشاركية، إذ لا يتواصل المجلس بالشكل
المطلوب، لا مع المجتمع المدني، ولا مع وسائل الاعلام المحلية، ولا يفعل فصول
الدستور، المتعلقة بمساهمة المواطنين في تدبير الشأن المحلي، بواسطة العرائض، وهو
ما يؤزم وضعية الجماعة مع محيطها ومع شركائها، وهو ما يوسع الهوية بين الناخب
والمنتخب .
يبقى
السؤال الكبير الذي يطرحه المواطنون : من المسؤول عن حماية الملك العمومي، هل هي
السلطة أم المجلس الجماعي أم هما معاً .. ؟ ثم كيف يمكن حماية الملك، والمجلس
الجماعي مستمر في منح رخص الاستغلال الموقت بدون ضوابط واقعية وقانونية .. ؟ كما
أن المجلس الجماعي لا يحترم الأماكن الخاصة باللوحات الإشهارية، التي تتسبب في
عرقلة تنقل المواطنين على الرصيف الخاص بهم،
ينتظر
سكان الجماعة الحضرية لبني ملال من السلطة المحلية ألا تتوقف الحملات التي تقوم
بها منذ أيام، ثم ألا تكون هذه الحملات موسمية، خاصة وأن ظاهرة الاحتلال طالت كل
أحياء وأزقة المدينة، وأن هذا الاحتلال يساهم فيه الجميع، القطاعات العمومية
والخاصة، والسلطة المحلية، والمجالس المنتخبة، والتجار والصناع والخدماتيين،
والباعة الجائلين، وأيضاً السكان وآخرين...؟