بقلم : نور الدين زوبدي
تحتم الحياة ومتطلباتها على المرء البحث
الدائم عن الماديات لمواجهة أعبائها ، بلا كلل وبلا ملل، حيث لا يتوقف و لا يهدأ
له بال ، ولو راكم مالا وفيرا، لأن الركون إلى الخلف يولد لديه الخوف من المستقبل
، و يجعله بدون عمل ، ينتظر ما ستسفر عنه الأيام من مفاجأة ، لذلك يبقى متمسكا
بالبحث إلى أن يأخد في كفن على الأكتاف صوب قبره ( المسكن الأبدي ) ، تاركا ما
راكمه لورثته، سواء كان إيجابيا ( ثروة مادية ، أدبية او تاريخ نضالي مشرف
........) أو سلبيا كالديون والمنازعات والسمعة السيئة الخ .
لقد خلف التطور العلمي و التكنولوجي حاجيات
أخرى إنضافت إلى المتطلبات الأساسية التي من الواجب توفيرها ، لتعيش حياة عادية
كباقي أقرانك ، تضمن لك الكرامة و حد أدنى من الشعور بأنك فرد فاعل ومهم في هذا
المجتمع، وليس مهمشا و غير دي مكانة ، لا تستحق الإحترام والتقدير ، الشيء الذي
فرض على المرء ، التحرك في كل الإتجاهات للبحث عن موارد مالية إضافية يسد بها
مصاريف الأعباء الجديدة ، فتحول بذلك إلى مجرد ألة لا تتوقف عن العمل، وقد لا تفرق
بين الكسب المشروع وغير المشروع .
إن تغول النظام الرأسمالي وهمنته ،جعل
الإنسان كالعبد يشتغل بلا توقف لصالح رب العمل، الذي لا يكثرت بما يتعرض له من
إستغلال مفرط و إستعباد مقنن بالقانون، بعدما فرض سيطرته على مصادر الثروة ، ولم
يترك الإ الأعمال الشاقة غير المربحة ، لتعمل معه الغالبية العظمى بأجور لا تكفي
لتلبية المتطلبات المتزايدة ، التي يفرضها هو ( النظام الرأسمالي المتوحش ) عليه ،
كي يسترد ما قدم له من مال مقابل الخدمة.
إذا تمعنت جيدا في الحياة، تجدها مسلسلا من
حلقات : الحلقة الأولى تبدأ بالطموح المبالغ فيه ، أثناء فترة الشباب، و تنهي
بالواقع المرير مع ظهور الشيب في شعر الرأس، حينما يكبر الأطفال ، وتزداد مطالبهم
، ويجد المرء نفسه عاجزا عن تلبيتها، حيث يشعر بالمهانة والضعف ، ويخجل من نفسه
ويلومها ، لأنه غير قادر على تحمل مسؤولية رعاية الأسرة وحمايتها من ظلم المجتمع.
في ظل هذا الوضع المجتمعي اللامتكافؤ ،
تظهر الممارسات والأعمال القذرة التي يرتكبها الإنسان للبحث عن المال والثروة ،
كالرشوة ،الإختلاس ، النصب والإحتيال ، الإستيلاء على أملاك الغير .....و كل مظاهر
الإثراء بلا سبب ،و تزدحم المحاكم بهذه القضايا ، ويتولد شعور عام عند الغالبية من
الشعب ، مفاده أن الكل فاسد ، ولا فرق بين فلان وعلان فهم سواسية ، ليسود الإحباط
عند الحالمين بالتغيير والإصلاح .
كل هذا يحصل تباعا في مراحل ، ونحن لا
نبالي به ، نشتغل ونبدل الجهد المضاعف ، دون أن نحس ونرى أن هناك تحسن في معيشتنا
، بل العكس هو الذي يحصل ، حيث أن ظروفنا تتعتقد و تصعب، ونحن نقاوم والوقت يمر ،
ونتقدم في السن ، وجيل أبنائنا الطموح ، الذي يحلم بغد أحسن من واقعنا اليوم نحن ،
ينتظر وصول دوره في الإستغلال و الإستعباد .
يتبع