وجهة نظر : الدخول السياسي و رهان الخروج من الآنتظارية و الضبابية

الحلقة 2

إن التدخل في شؤون الأحزاب ، و فرز قيادات على المقاس ، فاقدة للشرعية والمصداقية ، جعلها تبدو ضعيفة و غير قادرة على القيام بمهمتها ، حيث أضحت لا تجرؤ على إتخاذ موقف من قضية ما ، إلا بعدما أن تأخد الإذن أو تسير في نفس الاتجاه الذي تتخذه الجهة المتحكمة، بمعنى أنها أصبحت تقوم بدور المبارك للقرارات ، عوض أخد المبادرة بالتعبير عن الرأي المناسب في الوقت المناسب( ليست كل الأحزاب معنية بهذا التدخل ). فالإنتظارية التي سقطت فيها مكونات المشهد السياسي برمتها، أفقدت الأحزاب السياسية هويتها وحولتها إلى مجموعات بشرية جالسة في قاعة للإنتظار ، لا تعلم موعد النداء عليها لولوج قاعة المحاور الماسك لزمام الأمور ( الآقتصادية، السياسية ، الإجتماعية ، الثقافية ) ، مما جعل الكثير من أعضائها يفكرون في مغادرة القاعة ، لأن صبرهم نفد ، وأصبحوا لا يثقون في خطابات قياداتهم المغلوبة على أمرها ، والتي لا تملك القرار المستقل ، فهي في نظرهم تابعة تنفد التعليمات لا غير ، وهناك جزء من المنتظرين يعتقدون أن هذه المرحلة ستنتهي ، وأن التشبت بالقيم والمبادئ والوفاء والإخلاص ، و عدم الركون إلى الخلف ، السبيل المتبقى لكي لا نترك الإنتهازين والنفعين يستفيدون من هذا الوضع ، وفي إعتقادي المتواضع ، يبقى هذا الرأي هو الأقرب إلى الصواب ، فلا يمكن أن نخرج من الإنتظارية المقيتة بدون مواجهة جريئة لمعالجة الأمور ، يقودها الشرفاء والمخلصون للقيم والمبادىء التي تربوا عليها إبان عهد الإلتزام والوفاء .

من خلال ما قلناه حول حالة الإنتظارية التي أصبحت تخيم على مشهدنا السياسي ، كيف يمكن لنا الحديث عن الدخول السياسي ؟ و ما الجدوى من الإنتظار؟ ما دامت الجهات المتحكمة لازالت مصرة على نهجها، المهمش للأحزاب السياسية الحقيقية ، والمعتمدة على المال والسلطة في تشكيلها للمشهد السياسي ، لذلك أصبح من اللازم على كل الطاقات الحية التوحد في جبهة ديمقراطية مدافعة عن المكتسبات التي حققت بفعل نضالات القوات الشعبية ، وتحصينها من التبخيس و النكوص .

نور الدين زوبدي