خنيفرة:
أحمد بيضي
بشراكة
مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان، نظمت “شبكة الجمعيات التنموية ايت
سكوكو–مريرت”،بعد زوال يوم السبت 27 أكتوبر 2018، ندوة افتتاحية لأنشطة مشروع:
“الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان: تعزيز لدينامية الوعي الحقوقي
ودعم للديموقراطية التشاركية محليا وإقليميا بجهة بني ملال – خنيفرة”، وتمحور
موضوع الندوة حول “الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان: مسار
الإعداد، التحيين، المحاور والتدابير ودور الفاعلين في تتبع وتنفيذ الخطة”، وذلك
من أجل المساهمة في تفعيل الخطة الوطنية من خلال تعزيز الديمقراطية التشاركية
والارتقاء بدور الفاعلين المدنيين والمنتخبين.
الندوة،
التي احتضنها المركز الثقافي أبو القاسم الزيانيبخنيفرة، وقام بتسييرها ذ. لحسن
فروقي وتقديمها ذ. لطيفة معديني، في حضور ممثل الوزارة المكلفة بحقوق الانسان،
ومشاركة الجامعيين د. محمد الغالي ود. أنس مطيع، تأتي افتتاحا لأجندة تتضمن تنظيم
دورة تكوينية حول: الديمقراطية التشاركية ودور المجتمع المدني في التتبع، المشاركة
وتنفيذ السياسات العمومية المحلية، ثم ندوة في موضوع: خطة العمل الوطنية في مجال
الديمقراطية وحقوق الانسان، البعد الترابي ودور الفاعلين المحليين في تتبع
إعمالها، وبعدها دورة تكوينية حول: آليات إدماج وتتبع تنفيذ خطة العمل الوطنية في
مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، ليختتم البرنامج بإعداد وإصدار دليل حول إدماج
بُعد حقوق الانسان في البرامج المحلية.
وتهدف
شبكة الجمعيات التنموية من أشغال ندوتها الافتتاحية،بحسب مصادر منها، إلى التعريف
ب”الخطة الوطنية في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان”،باعتبارها وثيقة تؤطر
السياسة الحقوقية في المغرب ما بين 2018 و2021،وفق تعهدات جرت أمام البرلمان على أساس إخراجها وتنفيذ مضامينها بين
هذين العامين، وكذا الاطلاع على مسار إعدادها، وسياقها الوطني والدولي
ومرجعياتها،والتحيين الذي خضعت له، ومحاورها الرئيسية والفرعية،وتدابير تنزيلها
ودور الفاعلين في تتبعها وتنفيذها”، كما تتوخى ذات الشبكة من ذات الندوة “إطلاق
نقاش عام حول الموضوع وتمكين الفئات المستهدفة من المهارات ووضع آليات محلية
وإقليمية لتتبع وتقييم أجرأة تدابير الخطة على الصعيد المحلي” تضيف مصادر مسؤولة
من المنظمين.
من
جهته،لم يفت د. محمد الغالي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة
القاضي عياض بمراكش، وضع الحضور في مضمون الخطة الوطنية ومسار إعدادها ومرجعيتها
وتحيينها، ومحاورها الأساسية، و”إلى أي حد قد تنسجم فيه مع التحولات التي عرفها
المغرب مع بداية موجة التوافقات بين الاحزاب السياسية والمؤسسة الملكية، ومع ما
بعد إضراب دجنبر 1990 التي تشكلت في شأنها لجنة لتقصي الحقائق؟ وإلى أي حد يمكن
الوصول بالتدابير المتاحة الى الثقة في عناصر الخطة وتحقيقها”، علما أن “الجامعات
المغربية فات لها أن عرضتها للمناقشة، وكل جامعة منها قرأتها من زاويتها”، يضيف د.
الغالي الذي تساءل بالتالي عن معنى الخطة؟ بانطلاقه من المقارنة بين توافقات
وظروفدساتير 1992، 1996 و2011 الذي أكد على تمكين المواطن من حقوقه وتمليكه من
الآليات والوسائل.
وفي ذات
السياق، تطرق د. محمد الغالي، وبشكل موسع ودقيق، لعدد من القضايا والمراحل
الوطنية، مثل مكامن القوة والضعف في التاريخ السياسي للبلاد، وحكومة التناوب التي
اشترطت صناديق الاقتراع كمعبر للديمقراطية، وشخصية الأستاذ عبدالرحمن اليوسفي الذي
رسم خارطة الطريق، ومفهوم الرأسملة، ودمقرطة السلطة، وتثمين قيمة التطورات
السياسية بآلامها وآمالها،ومقارنة الاقتراع الفردي بنظام اللائحة، والديمقراطية
الداخلية للأحزاب، إلى حين توقفه عند موضوع الخطة الوطنية بتشديده على”تفعيلهاعبر
عقليات قابلة لاستيعاب التطورات،وللتجاوب مع مختلف والآراء التي لا تقل عن الجدل
الدائر بين الملكية الدستورية والملكية البرلمانية”، والمقارنة بين “انفتاح
التجربة المغربية بباقي الدول المغاربية والشرق أوسطية”، والسلطة فيها التي كانت
عمودية وأضحت هرمية بفعل التشارك.
وصلة
بالموضوع، استعرض د. محمد الغالي جملة من التساؤلات: منها إلى أي حد يمكن إقناع
المواطن بالحق في التعليم وهو بمكان خال من المدارس ويؤمن بالملموس والحق في
الولوج إلى الخدمات؟ كيف يضمن المواطن الخيارات المطروحة في السياقات الراهنة؟ إلى
متى يبقى الافلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة رهين الاكتفاء بسياسة
الإعفاء والتنقيل؟ وكيف أن المشكل الراهن هو مشكل عقليات وليس مشكل برامج؟ بينما
تطرق لما يمكن به تقييم السياسات العمومية وترشيد الآليات التضامنية والرؤى
الجماعية لمحاور وأولويات الخطة.
وبنما
أشار لإشكالية الحق في الوصول إلى المعلومة التي “يمكن أن يصلها طالبها فيصطدم بمن
يتابعه بقانون حماية المعطيات الشخصية”، تطرق د. محمد الغالي لمواضيع أخرى التي لا
تقل عن “الجدل القائم بخصوص مفهوم حرية المعتقد المنصوص عليه في المواثيق الدولية
وكيف يتم ربطه بقانون الاخلال بالنظام العام”، في حين أكد على أن أغلبية القوانين
المغربية غير منسجمة مع دستور 2011، مادام الجميع يجدون أنفسهم في أزمةبين النصوص
القانونية كمساطر وإجراءات لا تقبل الجدل، وبين النصوص الدستورية التي تعتبر من
أسمى قوانين البلاد.
أما د.
أنس مطيع فأكد على أهمية الفاعل الجامعي في مناقشة وتشخيص الخطة الوطنية والانخراط
في تتبع وتحليل واستجلاء مكامنها، لينطلق بورقته الهامة من العلاقة الجدلية بين
التواصل العمومي والتواصل التحسيسي بخصوص موضوع الخطة، وطرق تحديد مراسيمها
والمفاهيم المؤسسة لها خارج الأجندات المعينة، بينما ركز على دور الفاعل في تتبع
وتنفيذ الخطة، وفي التواصل عن طريق اللغة وقياس الوعي والممارسة الفضلى، بالنظر
لقيمة المرجعيات التي انطلقت منها هذه الخطة المذكورة على مستوى محاور الحكامة والديموقراطية، الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والبيئية، الحقوق الفئوية والإطار القانوني والمؤسساتي.
ولم يفت
د. أنس مطيع التساؤل حول موقع الفاعل الحكومي من تدبير الخطة الاستراتيجية
الحقوقية 2015/2030؟ وحول مصير دعوة الميثاق الوطني للتربية إلى إدماج حقوق
الإنسان في المقررات الدراسية؟ في حين لم يفته اعتبار الخطة الوطنية عبارة عن
“وثيقة من أخرى موجودة منذ فترة طويلة وليست حديثة، وكل المنتظر منها هو الوقوف
على ما تم طرحه وتفعيله من خطط ومقررات، وما تحتاجه من آليات لإعمالها”، على حد
قوله.
وخلال
مداخلته،وضع د. أنس مطيع أكثر من علامة استفهام حول “ملابسات عدم إصدار وثيقة
الخطة الوطنية على مستوى الجريدة الرسمية؟ وهل الجهات الوصية غير مقتنعة بها؟
ولماذا تجري مناقشاتها بشكل متبعثر؟”،علما أن الخطة خلقت لرسم استراتيجية
وطنية من أجل جعل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في صلب السياسات العمومية،إلى جانب
تساؤلات أخرى طرحها المتدخل على ذات الجهات التي وصفها ب “الساعية الى المشاركة مع
القطاعات وليس الى تحقيق المرافعات” حسب تعبيره.
وتميزت
أشغال الندوة بحضور فعاليات جمعوية، سياسية، إعلامية، ثقافية وحقوقية، تفاعلت
جميعها مع أشغال اللقاء وساهمت في إثراء النقاش بعدة تساؤلات وآراء ومقترحات
وانتقادات، مع اختلاف الرؤى ما بينالتوجس من إمكانية فشل تنفيذ أو نجاح الخطة،
وبين التخوف من غياب ضمانات سياسية لتفعيلها وتطبيقها، بالنظر لما يعرفه الميدان
من انتهاكات على مستوى حقوق الإنسان.