نور الدين زوبدي / بني ملال نيوز
تعيش مجموعة من مناطق المغرب جفافا حادا ، لم تعرفه من قبل ، حيث جفت اغلب الآبار ، و بدأ ينفذ مخزون السدود ، مما ولد كارثة محققة ، اثرت بشكل واضح على معيشة الفلاح ، الذي وجد نفسه مفلسا في وقت قياسي . تعرضت عدد من المغروسات المثمرة للاتلاف بفعل لهيب الشمس الحارقة ، وندرة مياه السقي ، اما المواشي لم يعد ممكنا تحمل عبئ تربيتها ، أمام نفاذ مهول في الكلأ ، مما جعل الكساب في حيرة من أمره ، فإما ان يتركها تموت ، أو يتقاسم معها قوته اليومي .
الجفاف الحاد الذي ضرب هذه المناطق بالتوازي مع الجائحة ، كان له الأثر الوخيم على حياة نصف ساكنة المغرب ، التي تعيش في العالم القروي . من غير المقبول الحديث عن برامج لإنقاذ قطاعات من الإفلاس ، دون التطرق إلى القطاع الهام ، الذي أبان خلال هذه الأزمة ، التي شهدها العالم ، عن قدرته في توفير الغداء و الحفاظ على السلم الاجتماعي .
إذا كانت الحكومة تعمل على تسطير برنامج خاص بالصندوق الاستراتيجي للاستثمار (120 مليار درهم ) ، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش ، فمن الواجب أن تنظر إلى القطاعات بشكل يراعي حجم الإنتاج ، و عدد الساكنة النشيطة بكل قطاع . بالإضافة إلى الدور الاستراتيجي الذي يقوم به ، خصوصا خلال أزمة جائحة كورونا ، التي أبانت عن الدور المهم الذي يقوم به القطاع الفلاحي .
لاشك أن الأزمة التي تمر منها بلادنا ، تتطلب موارد كبيرة ، ليس في مقدور الدولة توفيرها ، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار الأولويات والأساسيات ، التي يمكن التعويل عليها في تخفيف الآثار الناجمة عن موجة ثانية لكورونا ، واعتقد أن إعطاء الفلاح الأسبقية ، يبقى الخيار الاصوب ، لأن توفير القوت اليومي للمغاربة ، وجلب العملة الصعبة، في ظل تراجع النشاطات الأخرى( قطاع السيارات ، الفوسفاط ، تحويلات الجالية ..) ، يشفعان له ليحظى بالعناية والأسبقية ، بالإضافة إلى العدد الذي يشغل بالعالم القروي ، وفي معامل الصناعة الغذائية ، المرتبطة بالمنتوج الفلاحي .
إن أول الأولويات بالنسبة للفلاح اليوم ، هو توفير ماء السقي ، بالطريقة التي تمكنه من مواصلة الإنتاج ، في ظروف مريحة وغير مكلفة . في هذا الصدد ، يمكن اقتراح تعميم السقي بالتنقيط والاعتماد على الطاقة الشمسية ، حتى يتمكن الفلاح من المحافظة على الماء في الآبار والسدود، وعدم تبذيرها عبر الاعتماد على نظام السقي الكلاسيكي ، الذي كان سببا في نفاذ المخزون المائي .
تعميم السقي الموضوعي واجباريته ، لن يتحقق إلا بتظافر الجهود ، وتبسيط المساطر القانونية ، و ايجاد حلول قانونية لمشاكل التملك على الشياع ، والاستغلال الجماعي لأراضي الجموع.