.بقلم : محمد الحطاب
الجميع يعرفون عون السلطة أو ما يعرف بالمقدم، فهو موظف الدولة الوحيد الذي يشتغل 24 ساعة في اليوم، و7 أيام في الأسبوع، و365 في السنة، دون أن يكل أو يمل.
تعتمد الدولة على المقدمين والشيوخ في جميع مناحي الحياة، وفي مقدمتها الجانب الأمني، حيث يعتبر المقدمون والشيوخ عيون السلطة و الدولة التي لا تنام، وموظفوها الذين يحرصون على أمنها وسلامة ممتلكاتها.
فالمقدم هو الوسيلة التي تستعملها الدولة في مواجهة المواطن، عندما يتعلق الأمر بالاعتصامات والوقفات والمسيرات، والبناء العشوائي وغيرها ...، لكنها تستعمله أيضا لصالح المواطن، عندما يتعلق الأمر بوثائق الهوية (بطاقة التعريف وجواز السفر ..) وكافة الرخص ، والزواج والطلاق ومنح التعليم والتغطية الصحية والحماية الاجتماعية التي يمنحها اعوان السلطة، أو بمعنى آخر فعون السلطة هو " الجوكر " الذي تستعمله الدولة في كل زمان ومكان.
عون السلطة في الحقيقة ليس كسائر البشر، فهو يشتغل عندما يكون الناس في عطلة وفي راحة، يتابعون كل جديد على مستوى دوائرهم ، يعطون تصوراتهم في الانتخابات، ويتابعون انشطة الجمعيات والنقابات واجتماعات المصالح الإدارية الخاصة والعامة، يساعدون مصالح المالية، والجماعات الترابية، والمصالح الخارجية، يحضرون كافة الأنشطة ويرفعون تقارير إلى رؤسائهم المباشرين.
ورغم كل هذه الأعمال الشاقة، وهذه الأدوار الكثيرة والمتنوعة، التي يقوم بها عون السلطة، فالدولة لا تقوم بما يلزم لتشجيعه، بل بإهمالها تزيد في تعاسته، إذ يعتبر أجر المقدم من بين أضعف الاجور في صفوف شغيلة الدولة، فلا ساعات إضافية يعوض عليها، ولا عطلة سنوية يستفيد منها، ولا حياة اجتماعية مريحة، بحيث يستعمل المقدم في تحركاته وتنقلاته دراجة نارية يقتنيها من ماله الخاص احيانا، يستغلها سواء تحت الشمس الحارقة أو في موسم الامطار والرياح.
فلماذا لا تلتفت وزارة الداخلية لأعوان السلطة والعمل على تحسين وضعيتهم المادية، وتمكينهم من وسائل العمل، حيث بالنظر إلى صحة اعوان السلطة تظهر على وجوههم علامات العياء، من كثرة الأعمال، في الوقت الذي نجد فيه موظفون ينعمون بوضعية مالية مريحة، ولا يقومون بنصف ما يقوم به عون السلطة، بل وتوفر لهم الدولة كل وسائل العمل ومنها سيارات المصلحة ؟.
لمقدم في الحقيقة يعيش وضعية هشة، رغم ما يقدم لبلده من خدمات جليلة، ومنها الحرص على أمن الدولة وسلامة المواطنين. ومنذ سنين لم تتحسن وضعية لمقدمين بالشكل المنتظر، فيما تعرف وضعية رجال السلطة المادية تحسنا كبيرا، حيث أن الفرق المادي بين مقدم حضري وخليفة قائد يفوق 7000,00 درهم، فيما يصل هذا الفرق في حالة مقدم قروي أزيد من 10.000 درهم. فهل لا يستحق اعوان السلطة أكثر من الأجور التي تمنحه لهم الحكومة، والتي تقل في العديد من الحالات عن السميك (smig) الذي يقارب 2900 درهم ، رغم ما يقوم به لمقدم لصالح بلده، والذي ينساه كما نسي فئات اخرى من المغاربة قدموا تضحيات جليلة للمغرب.