محمد الحطاب
يظهر ان المنافسة على كرسي رئيس الجهة خلال الانتخابات الجهوية المقبلة ستكون بدون شك منافسة قوية أكثر من الانتخابات البرلمانية، لأن ميزانيات الجهات في المستقبل تقدر بملايير الدراهم، بالاظافة إلى قيمة هذا الكرسي المعنوية.
فخلال انتخابات رؤساء الجهات الماضية تراوح سهم الصوت على منصب الرئاسة في بعض الجهات ما بين 10 ملايين و 100 مليون سنتم. لكن انتخابات الرئاسة المقبلة ستعرف دخول منافسين أقوياء لاعتبارات عدة، منها دخول المنافسة من طرف أصحاب الملايير، لأن اللعبة كبيرة هذه المرة، ولا مكان للموظفين والتجار فيها ، سيما أن الأقوياء سيخوضون هذه الانتخابات مهما كلف الثمن ، لأن رئاسة الجهة ستتحول مستقبلا إلى مركز اقتصادي اكثر من مركز سياسي، لأن قوة المال هي التي ستتفوق في الانتخابات الجهوية المقبلة، وليس قوة السياسة، إلا إذا كانت الخريطة السياسية لازالت تطبخ داخل "كوكوت" الحكومة.
فالانتخابات الجهوية لم تعد مسألة سياسية، بل أصبحت مسألة توازنات بين القوى السياسية والاقتصادية داخل البلاد، لأن رئيس الجهة مستقبلا سيصبح كرئيس حكومة مصغرة، وأن الجميع محتاج لمساعداته، سواء الجماعات الترابية أو المصالح الحكومية الجهوية والإقليمية والمحلية، خاصة أن ميثاق اللاتمركز الإداري سيدخل حيز التنفيذ بداية من الانتخابات المقبلة، أي أن ميزانيات الجهات لن تكون لها حدود، كما تنص على ذلك القوانين المنظمة للجهات، نظرا لتوسيع اختصاصاتها الذاتية أو المنقولة.
فكيف يمكن إقناع الناخبين بالتصويت في هذه الانتخابات الجهوية، التي سيغلب عليها الهاجس المالي، أكثر من المصلحة العامة، وسيظل المواطن هو ضحية هذه الانتخابات، التي تطالب فيها الدولة منه التصويت وهو يعي جيدا أن التغيير غير قادم ..؟
كيف يمكن لمواطن ان يصوت على منتخب، وهو يعرف انه في حالة فوزه، قد لا يتجرأ على مقابلته طيلة الولاية، وأن رؤية رئيس الجهة قد تصبح من سابع المستحيلات...؟
اكيد ان شبكات التواصل الاجتماعي ستشكل ساحة معركة بين الأحزاب المغربية المشاركة في هذه الانتخابات، والتي غالبا ما يلجأ إليها المرشحون لإقناع الناخبين وكسب أصواتهم، لكن هل سيكون دور هذه الشبكات إيجابيا أكثر من السابق، لتغليب مصلحة الوطن على مصلحة المواطن، حتى لا يتم تكرار مآسي الماضي الانتخابية، والتي ساهمت في تراجع المغرب على كل المستويات، جعلت المواطن يقاسي من الإقصاء والتهميش، في غياب أي اهتمام وكرامته..؟
.