نور الدين زوبدي
المتتبع لما يجري في الساحة السياسية ، سيقف على حقيقة واحدة ، وهي أن مشهدنا السياسي ، الذي بدء في التشكل ، لن يحمل جديدا ولا تغييرا ، حيث سيحتفظ بنفس الوجوه القديمة ، التي تمرنت على تقمص الادوار المختلفة، رغم الرفض الشعبي لاغلبية هؤلاء ، بسبب فساد بعضهم ، أو ضعف تكوين البعض ، و اعتقاد جزء كبير منهم ، بان السياسة ، هي فرصة ذهبية لتحسين مستوى عيشهم ، مما يجعلهم فريسة سهلة للراغبين في التموقع في مناصب تشريعية أو تدبيرية ، وغالبا ما يكون اغلبهم من أصحاب مال ونفوذ .
الوضع الحالي لا يبشر بحدوث تغيير ، كفيل باعادة الثقة في مؤسساتنا التمثيلية ، بل سيعمق جرح ديمقراطتنا الفتية ، التي تجعلنا متميزين على خصوم وحدتنا الترابية ، الغارقين في الصراع على السلطة . إصلاح المنظومة الانتخابية ، و سن القواعد القانونية ذات الصلة ، تبقى حبرا على ورق ، اذا لم نشدد الخناق على كل المتلاعبين بالارادة الشعبية ، و صناع الخرائط الانتخابية في الكواليس .
قد لا يشاطرني البعض ، في الرأي بخصوص الواجب اتخاده ، لننجح في رسم مشهد سياسي سليم ، يمكننا من تقديم صورة بلد تمكن من احتلال المرتبة العاشرة في التلقيح ضد كوفيد ، متقدما على دول الاتحاد الاوربي ، والقاضي بالمضي قدما في حملة التطهير ، وتسريع وثيرتها ، حتى تتراجع كل الوجوه القديمة ، العازمة على خوض غمار الانتخابات ، بالاعتماد على نفس الاساليب ، الضارة بمصداقية العملية الانتخابية .
إن عودة الوجوه القديمة المرفوضة ، واستمرار نفس النهج في تدبير هذه الاستحقاقات ، سينتج لا محالة وضعا لا يمكن بلدنا من مجابهة التحديات الداخلية والخارجية ، كما انه سيساهم في توسيع قاعدة عدم المشاركة ( العزوف ) ، التي ستمكن فاعل سياسي من تصدر المشهد السياسي للمرة الثالثة ، رغم التعديلات التي طرأت على المنظومة الانتخابية .
عزوف الطاقات الشابة عن المشاركة ، هو نتاج طبيعي لاحتكار طبقة معينة للسياسة ، حيث تُوضع المتاريس والحواجز في وجه كل من يرغب ولوج المعترك السياسي ، خصوصا الفئات الطموحة ، والحاملة لافكار متقدمة في التصور والمطالب .
الاحزاب السياسية ، خصوصا التقدمية والوطنية ، مطالبة بفتح ابوابها امام الشباب ، واعطائهم فرصة لابراز ما لديهم من قدرات و مهارات ، كفيلة بتطوير وتجويد الاداء السياسي ، وتلميع صورة بلدنا ، بالشكل المتناسب مما حققه في مجالات عدة ، وبالاخص طريقة تعاطيه مع الجائحة . لذلك بات اصلاح قانون الاحزاب السياسية اولوية ضرورية ، لسد التغرات ، التي تستغلها الوجوه القديمة البالية ، في التلاعب والبحث عن المواقع والمناصب .