محمد الحطاب
وضعت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (هاكا) حدا للجدل، الذي أثارته السلسلة الكوميدية “قهوة نص نص” للمخرج هشام الجباري، والتي اعتبرها بعض المحامين إساءة لمهنتهم، حيث قام المحامي محمد الكصي برفع دعوى قضائية استعجالية ضد القناة الأولى، من اجل وقف بث السلسلة، مطالبا بغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم ( 10 ملايين سنتم) عن كل يوم تأخير في التنفيذ.
فهذه السلسلة، حسب المحامي الكصي، وحسب الدعوى القضائية يسيء لمهنة المحاماة، لكونها تتضمن مشاهد تسيء للمهنة، وذلك من خلال الممثلة بديعة الصنهاجي، التي تحمل بذلة المحاماة بشكل واضح وتقوم بمهنتها داخل المقهى، وكأنها تتسول بين الزبائن والموكلين، وأحيانا تعطي استشارات وتوزع بطائق الزيارة.
هذا وجاء قرار مجلس الهاكا، ليوضح بعض القوانين والفصول التي تحمي حرية الإبداع والفكر، وبالتالي يرفض إيقاف هذه السلسلة الكوميدية، وكل الشكايات التي جاءت في هذا الموضوع. وقالت الهاكا في بلاغها الصادر عقب اجتماع مجلسها ليوم 27 أبريل الماضي :
"" حيث اكد مجلس الهيئة العليا ، خلال هذا الاجتماع على أهمية صون حرية الإبداع الفني، كما هي مضمونة دستوريا، لا سيما في الأعمال التخييلية، التي هي جزء لا يتجزأ من حرية الاتصال السمعي البصري كما نص عليها القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، والقانون رقم 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري؛ إذ لا يمكن للعمل التخييلي أن يحقق وجوده، ويكتسب قيمته، دون حرية في كتابة السينايو، وتشخيص الوضعيات والمواقف، وفي تحديد الأدوار وتمثل الشخصيات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بعمل هزلي أو فكاهي.
واوضح بلاغ المجلس أن التمثيل النقدي لمهنة معنية في عمل فني سمعي بصري لا يشكل قذفا، كما هو معرف قانونا، ولا قصد إساءة، بل هو مرتبط بحق صاحب العمل في اعتماد اختيارات فنية معينة، بل يعتبر عملا فنيا سليما لكونه يتطرق لمواضيع اجتماعية، تجسد دور ومسؤولية الإعلام، لا سيما العمومي، في ممارسة النقد الاجتماعي، ومعالجة بعض السلوكيات والظواهر المستهجنة داخل الوسط المغربي.
وهو الامر الذي يحيل على تمثل غير دقيق لمفهوم تقنين المضامين الإعلامية وللانتداب المؤسسي للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري يضيف بلاغ المجلس، إذ أن المشرع يضمن للإذاعات والقنوات التلفزية العمومية والخاصة إعداد وبث برامجها بكل حرية.
وختم المجلس اجتماعه مذكرا بأن الغاية الفضلى للتقنين هي إعلاء قيم الحرية وتحرير طاقات المبادرة والإبداع، ولفت الانتباه إلى كل ما من شأنه كبح تحقيق هذه الغاية، إسهاما في تعزيز ثقافة إعلامية وتواصلية مستنيرة.