نور الدين القراص
تعمل كل مكونات المشهد السياسي على استقطاب أكبر عدد من المرشحين من اجل الظفر بحصة من اصوات الناخبين الصغار والكبار ، لنيل مرتبة تأهلهم ليصبحوا رقما أساسيا في التفاوض . يتم هذا لضمان استمرار تواجد تنظيماتهم الحزبية في الساحة حتى لا تتعرض للإنقراض ، أو تصبح موضوع سخرية من قبل أغلب رواد مواقع التواصل الاجتماعي . هؤلاء الذين لا هم لها سوى توجيه الانتقادات اللاذعة الى الفاعل السياسي ، في مقابل غض الطرف عن الجهات الأخرى ، الاكثر تأثيرا و تحكما في الشأن العام .
في ظل هذه المناخ ، يتناهى إلى السمع بين حين وآخر ، عن تقديم استقالات لوجوه انتخابية ، والتحاق آخرين بصف حزب ، حيث إن كل واحد منهم يقدم تبريرا ، يحاول أن يتذرع به لبلوغ هدف يخطط للوصول إليه . أضحت الساحة ملعبا مترعا لكل من له رغبة في تحقيق هدف شخصي ، يتم تغليفه بشعارات رنانة من قبيل الدفاع عن المصلحة العامة،أو عن المواطن المقهور ، المنزوي في سكناه إن كان له بيت أصلا ، حيث يمضي وقته البحث عن الطريقة التي تمكنه من الحصول على لقمة عيش تحترم انسانيته وكرامته .
تدور في الكواليس ، أخبار عن اتفاق حول منع بعض الشخصيات من ولوج المعترك الإنتخابي ، بسبب ما أحدثته من احتقان ونفور للناخب من العملية الإنتخابية. هذا المشهد السياسي غير السليم نتيجة حتمية للفساد في التسيير، أو تورط مفضوح في صفقات عمومية .. فبحسب مصدر مطلع ، إن المسالة سيدبرها زعماء الأحزاب ، بعدما سيتسلمون اللائحة "السوداء ". حينها سيتم إخبار المعنيين بالأمر ، قبل ايام قليلة على ايداع الترشحيات ، حتى يكون الوقع الأكثر تأثيرا في الهيئة الناخبة ، التي عانت الأمرين من سلوك وممارسات هذه الشريحة من الكائنات الانتخابية .
" اللائحة السوداء " التي يجري حولها النقاش ، ستحمل مفاجأة من العيار الثقيل ، إذ ستصدم العديد ممن يعتقدون أنهم في خانة " صحاب الرضا " ، لأن الجهة التي أعدتها تتمتع بحس وطني كبير ، ولا يهمها الا خدمة الوطن .و حسب المصدر نفسه ، فإن من بين الشخصيات وزراء سابقين ،و رجال أعمال مرموقين ، و منتخبين أضحوا يشكلون خطرا على الدولة ، بسبب نفوذهم المالي ،و تحكمهم في دواليب الإدارة .
من المرتقب ان يعرف المشهد السياسي في غضون الشهور القادمة ، بداية انسحاب البعض ممن وردت أسماؤهم باللائحة ، لأن العملية مهما كانت سرية ، ستعرف تسريبا ضيقا ، فتعمل كل جهة على إخبا ر الطرف الذي يعنيها ، لكي يدبر مسألة خروجه وفق خطة مدروسة ، لا تحدث الإرتباك أو الفوضى . أما الآخرون الذين لم يتمكنوا من فحوى التسريب ، سيعطى بهم المثل ، كي تستقيم الحياة السياسية ، ويزداد منسوب الثقة في المؤسسات .
قد يتساءل البعض حول الطريقة ، التي يشتغل بها أمناء الأحزاب ، لمنع هؤلاء من الترشح ؟! الأمر بسيط جدا بالنسبة للاحزاب التي كانت توصف بالإدارية ، أو التي هي من صنع الأدارة نفسها حديثا ، حيث يبلغ المعني بالأمر ، بشكل مباشر بالقول :" سير فحالك راك مرفوض " .بينما بالنسبة للأحزاب التي تشتغل عبر القنوات التنظيمية ، سيحصل تنافس بين الشخص غير المرغوب فيه وطرف ثان مدفوع لتحقيق هذا الغرض ، و هوالذي سيحظى بالتزكية من طرف الجهاز المقرر في المسألة .