نورالدين زوبدي
من المؤكد أن إصلاح قانون التعمير صار مطلبا شعبيا، أمام تزايد حاجيات السكن ، وضعف العرض وارتفاع اثمنته، ولاسيما في مجموعة من المدن ، التي عرفت كثافة عمرانية كبيرة، نتيجةازدياد النمو الديمغرافي، بالإضافة إلى قرب نفاذ الوعاء العقاري ، مما دفع كل من له علاقة بهذا القطاع إلى المطالبة بتغير القانون المنظم، قصد ملائمته مع التغيرات والمتطلبات.
إصلاح القانون يعتبر مدخلا اساسيا لتلبية الخصاص المسجل في السكن ، رغم الدعم المقدم في إطار السكن الاجتماعي ، الذي لم يعط ما كان منتظرا منه ، بفعل التحايل و التلاعب من طرف لوبيات عقارية.
إن تعدد الفاعلين في مجال التعمير بالمغرب، نتج عنه تداخل الاختصاصات وصعوبة التنسيق؛ مما أدى إلى غياب الرؤية الشمولية سواء على مستوى التخطيط أو على مستوى التدبير، وأيضا تشتت وعشوائية التدخلات القطاعية.
الملاحظات التي يمكن استخلاصها من معاينة الإطار القانوني المنظم للتعمير هو قدم نصوصه، حيث مازال التعامل خاضعا لنصوص متجاوزة في بنائها المصطلحي، ففيما يخص بنود القانونين 12.90، و25.90 أصبحت في حالة ملحة للمراجعة رغم التغيير الذي طالهما بمقتضى القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، حيت أبانت الممارسات عن وجود الكثير من مظاهر اللبس والتعقيد سواء على صعيد نطاق التطبيق أو على مستوى وثائق التعمير أو القواعد المتعلقة بالبناء والتي تمخضت عنها مجموعة من المشاكل .
في هذا الإطار، تأتي المشاورات التي دشنتها الوزراة الوصية ، عبر اطلاقها لحوارات جهوية ، استدعت لها كل الأطراف المتدخلة ، قصد بلورة مشروع جديد يستجيب لكل الانتظارات ، والذي يمكن أن يكون كذلك ورشا مشغلا للألاف من اليد العاملة و منتجا للسكن اللائق الحافظ لكرامة الإنسان.
من دون شك ، فالبناء العشوائي وغير القانوني لن يتوقفا ، لسبب بسيط هو ان القاعدة القانونية لم تسعف المحتاج إلى السكن في الحصول على الرخص والتصاميم المطلوبة في زمن معقول ، وذلك راجع إلى التعقيد في المساطر والشروط الموضوعة لبناء سكن قانوني.
في هذا الصدد ، اقترح اغلب المسؤولين الترابين سواء رجال سلطة أو منتخبين سن قانون خاص بالمناطق القروية والجبلية ، يراعي الخصوصيات و يسهل عملية البناء بهذا المجال الهش من حيث البنيات التحتية . فلا يعقل أن نطبق نفس القواعد القانونية على مجالين مختلفين من حيث الطبيعة القانونية(ملك محفظ مشمول بوثائق التعمير = واراضي الجموع ، ملك على الشياع مستغل من قبل الورثة) .
مربط الفرس في الإصلاح إذن ، هو تبسيط المساطر ، و تمكين المواطن من بناء مستجيب لشروط السكن بأقل تكلفة وقف ما هو متاح في الوسطين القروي والجبلي ، لتفادي الهجرة نحو المدن ، وتخفيف الطلب على السكن الحضري .