نورالدين زوبدي
طغى مصطلح العدالة المجالية على خطاب السياسيين في الآونة الأخيرة، وصار مطلبا مشروعا يرفعه العديد من المنتخبين ، أثناء مرافعاتهم بدورات المجالس ، واللقاءات مع المسؤولين الحكومين والترابين، قصد نيل حصة ما من المشاريع المبرمجة ، وتحقيق التنمية بنفود دوائرهم الانتخابية .
إن الهدف من هذا المبدأ ، هو تحقيق التكافؤ في الاستفادة ، و التوازن في إنجاز المشاريع ، وعدم الانزلاق في تعميق الفوارق المجالية ، التي خصصت لها الدولة برنامجا لتقليصها بمبالغ مهمة ، لذلك تبقى العدالة المجالية ركنا اساسيا في تنمية الوحدات الترابية بشكل متناغم ومتناسق ،يضمن للمواطنين الشعور بالعدالة والانصاف .
للأسف الشديد ، يلجأ البعض إلى توظيف المصطلح / المطلب في أمور بعيدة كل البعد عن الأهداف المٌعلن عنها ، عبر التوظيف غير السليم ، و بغاية الإضرار بخصم سياسي أو مسؤول إداري.
لعل أبرز وسائل التوظيف الخاطئ ، تحريض مجموعة من المنتخبين المنتمين إلى وحدة ترابية معينة ، واقناعهم بانهم مقصيون من التنمية ، أو اختلاق معايير جديدة في تقويم العدالة المجالية ، عبر اللعب بالأرقام قصد شرعنة الاحتجاج.
لاشك أن سمو المبادىء تجعل منها عصية عن الترويض والابتذال .العدالة المجالية المنشودة يمكن أن تتجسد في الرغبة الجماعية لتبنيها كأساس للتنمية المستدامة ، وليس الاستفادة من قيمها في تحقيق طموحات شخصية ذاتية ، يعرفها الجميع ، ولا يقدر حتى المدفوع إلى الاحتجاج بعدم تحققها الجهر ببطلان اسباب غيابها على أرض الواقع .
إن الأرقام المضمنة في برنامج التنمية الجهوية 2022-2027 تكشف بوضوح عن عدالة مجالية نسبية بين الأقاليم الخمس ، سواء من حيث عدد المشاريع أو من حيث المبالغ المالية المخصصة، ولا أحد يمكن له تبرير عكس ذلك ، عبر الاعلان عن نسب متداولة في دورات المجلس ، التي تختلف من واحدة إلى أخرى ، فالعبرة بالإنجاز المحترم لتلك العدالة وليس بعدد الاتفاقيات المصادقة عليها.
صحيح أن المشاريع ذات الطابع الجهوي قد استحودت على مبالغ مهمة ، وتمركزت بعاصمة الجهة ( بني ملال ) ، وهذا أمر طبيعي وليس محصورا على جهتنا ، بل معمول به في باقي جهات المغرب ، وحتى في الدول الديمقراطية التي قطعت اشواطا كبيرة في تنزيل الجهوية المتقدمة( دول الاتحاد الأوروبي ) ، حيث حُظيت عواصمها بعناية مهمة لتجعل منها أقطابا اقتصادية ذات جادبية منافسة للاقطاب الأخرى ،ودون تحقيق ذلك تبقى جهة بني ملال خنيفرة ضعيفة غير قادرة على جلب الاستثمار وخلق مناصب الشغل لشباب ساكنة الجهة ( الاختصاص الذاتي ) .
العدالة المجالية لن تتحقق بتفتيت المشاريع ، و اقتسام التمويلات ، بل بالتفكير في خلق المشاريع المُهيكلة التي ستعود بالنفع على الجهة ، كي تستفيد منها غالبية السكان مهما اختلفت انتماءاتهم القبلية أو الاثنية .