حزب الحركة الشعبية يتلقى ثاني ضربة موجعة بجهة بني ملال خنيفرة ويفقد إحدى قلاعه الانتخابية: رئاسة جماعة الفقيه بن صالح والتنافس حاد حول خليفة مبديع بين الحمامة والميزان

 

• عبد المجيد تناني

- من جماعة بني ملال انطلقت العاصفة التي ضربت حزب السنبلة:

بعد توقيف أحمد شد عن ممارسة مهامه كرئيس لجماعة بني ملال  من طرف وزارة الداخلية وإصدار قرار عزله رسميا من عضوية ورئاسة ذات المجلس من طرف المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 3 فبراير 2020، وتأييد القرار من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 29 يوليوز 2022، وبعد إصدار الغرفة الإدارية (القسم الأول) بمحكمة النقض بتاريخ 15 دجنبر 2022 قرارها القاضي برفض طلب الطعن المقدم من طرف المعني بالأمر، أصبح قرار عزل عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية ورجلها القوي بمدينة بني ملال قرارا نهائيا، مما أدى بحكم القانون إلى تجريده من العضوية بمجلس النواب، وذلك تطبيقا لأحكام المادة 11 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية. 

ضربة أصابت في مقتل حزب السنبلة بعاصمة جهة بني ملال خنيفرة رغم احتفاظه برئاسة مجلس جماعة بني ملال من خلال النائب الأول الأسبق للرئيس المعزول: أحمد بدرة.

- العاصفة تصل جماعة الفقيه بن صالح:

المشاكل والنكبات لا تأتي فرادى، بل مجتمعة ومتتالية، وهذه المرة من خلال محمد مبديع الوزير السابق والبرلماني المعروف، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية ومنسقها الجهوي بجهة بني ملال خنيفرة الموجود على ذمة التحقيق في قضايا فساد مالي وتدبيري بسجن عكاشة بالدار البيضاء، والذي تم عزله من رئاسة مجلس جماعة الفقيه بن صالح  بعدما تربع عليه لحوالي 26 سنة متتالية.

فقد أعلنت السلطات المحلية بمدينة الفقيه بن صالح يوم الاثنين 30 أكتوبر 2023 عن فتح باب الترشيحات لرئاسة مجلس جماعة الفقيه بن صالح  خلال الفترة الممتدة ما بين 1 و5 نونبر 2023 بمقر باشوية المدينة، بناء على القرار العاملي رقم 263 والذي يقضي بمعاينة انقطاع محمد مبديع عن مزاولة مهام رئيس مجلس الجماعة الترابية الفقيه بن صالح، مع ما يترتب عن ذلك من حل لمكتب المجلس ابتداء من 31 أكتوبر ،2023 وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 21 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، وحدد القرار تاريخ 9 نونبر 2023 كموعد لإجراء هذا الاستحقاق.

 وأوضح إعلان السلطات المحلية للفقيه بن صالح أن المترشح لرئاسة المجلس المذكور ينبغي أن يكون مرتبا على رأس لائحة الحزب خلال اقتراع يوم 8 شتنبر 2021، ومنتميا إلى إحدى الأحزاب الحاصلة على المراتب الخمس الأولى بناء على مجموع المقاعد المحصل عليها في مجلس الجماعة خلال الاستحقاق المشار إليه، بالإضافة إلى تزكية خاصة بالمترشح لمنصب رئيس جماعة الفقيه بن صالح مسلمة من الهيئة السياسية التي ينتمي إليها.

قرار عزل محمد مبديع من رئاسة مجلس جماعة الفقيه بن صالح جاء بسبب انقطاعه عن مزاولة مهامه كرئيس للمجلس بعد توقيفه من طرف المصالح الأمنية من داخل شقته بالعاصمة الرباط  يوم 26 ابريل 2023 بتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وإحالته على قاضي التحقيق بمحكمة جرائم الأموال الذي أمر بإيداعه بسجن عكاشة قيد الاعتقال الاحتياطي بعد متابعته بتهم تتعلق بتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والغدر والارتشاء والتزوير في وثائق عرفية وتجارية ورسمية وغيرها من التهم الثقيلة المندرجة في إطار سوء التدبير والفساد.

- 26 سنة من سيطرة محمد مبديع على رئاسة مجلس جماعة الفقيه بن صالح:

محمد مبديع دخل مجلس جماعة الفقيه بن صالح قبل 26 سنة من بوابة اقتراع يوم 13 يونيو 1997 بتزكية من حزب الاتحاد الدستوري. 

استمر مبديع الرجل القوي في حزب الحركة الشعبية متربعا على كرسي رئاسة المجلس الجماعي لعاصمة بني عمير لخمس ولايات متتالية متقلبا من حزب الحصان إلى حزب الحركة الوطنية الشعبية ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ثم حزب الحركة الشعبية الذي منحه سلطة ونفوذا تجلت في ترأسه لعدة لجان برلمانية، وتولي منصب وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، مع حلم دفين لم يتحقق له في تولي مهمة سفير في بلد ما.

قوة مبديع الانتخابية كانت تتجلى في حصوله طيلة الولايات الأربع الأولى على الأغلبية المطلقة داخل مجلس جماعة الفقيه بن صالح مهما كان اللون السياسي الذي تقمصه، ومهما تعدد الخصوم والمنافسون.

- بداية سقوط امبراطورية مبديع الانتخابية:

 أربكت انتخابات يوم 8 شتنبر 2021  محمد مبديع نسبيا وكادت تعصف به من رئاسة المجلس لولا إسعافه من طرف لوائح انتخابية صديقة بعدما اكتفى ولائحته بتسعة مقاعد فقط عوض أكثر من عشرين مقعدا التي اعتاد على الظفر بها في الاستحقاقات الجماعية السابقة.

اقتراع 8 شتنبر 2021 مكن حزب الحركة الشعبية بقيادة محمد مبديع من 9 مقاعد بعد حصول لائحة السنبلة على 3089 صوتا، انضاف إليها مقعد عاشر خلال  انتخابات جزئية لاحقة، متبوعا بلائحة حزب الاستقلال بقيادة رحال المكاوي ب 6 مقاعد بحصولها على 2179 صوتا، ثم لائحة حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة المحفوض كمال ب 5 مقاعد بعد حصولها على 1655 صوتا، ولائحة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بقيادة محسن لكويري التي حصلت على 3 مقاعد بمجموع 1016 صوتا، فلائحة حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد العزيز الريحاني بحصولها على مقعدين بمجموع 925 صوتا، ثم لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة عبد العزيز شهوي التي حصلت على مقعدين بمجموع 448 صوتا، ولائحة حزب الاتحاد الدستوري بقيادة الشرقاوي لزغل التي حصلت بدورها على مقعدين بمجموع 439 صوتا، فلائحة حزب جبهة القوى الديمقراطية بقيادة المهدي المعطاوي الحاصلة على مقعدين بمجموع 389 صوتا، ولائحة تحالف فيدرالية اليسار بقيادة محمد الواسي التي ظفرت بمقعد واحد بمجموع 349 صوتا، وأخيرا لائحة حزب الوسط الاجتماعي بقيادة أحمد كصابي التي فازت بمقعد واحد بمجموع 211 صوتا.

فقد جرت صباح يوم الخميس 16 شتنبر 2021 بمقر باشوية الفقيه بن صالح في جلسة مغلقة عملية انتخاب رئيس مجلس جماعة الفقيه بن صالح بمشاركة 33 عضوا من أصل 35 ممن أفرزتهم صناديق الاقتراع الخاصة بالانتخابات الجماعية المحلية ليوم الأربعاء 8 شتنبر 2021 وغياب العضو عزيز الشهوي وكيل لائحة حزب الأصالة والمعاصرة، واستمرار شغور المقعد رقم 35. 

وقد منحت العملية الفوز برئاسة المجلس لمحمد مبديع وكيل لائحة حزب الحركة الشعبية (الفائز بمقعد مجلس النواب أيضا للمرة السادسة تواليا) ب 20 صوتا، مقابل 13 صوتا لمنافسه رحال المكاوي وكيل لائحة حزب الاستقلال. 

إعادة انتخاب محمد مبديع رئيسا لجماعة الفقيه بن صالح جاء بفضل تحالف حزبي سداسي مشكل من أحزاب : الحركة الشعبية (9) ، التجمع الوطني للأحرار(5)، العدالة والتنمية (3)، جبهة القوى الديمقراطية (2 : صوت تم لفائدة لمبديع وصوت لمكاوي)، و الأصالة والمعاصرة (2: حيث حضرت وكيلة اللائحة النسائية وتغيب وكيل اللائحة العامة خلال عملية انتخاب رئيس المجلس)، والوسط الاجتماعي (1)،

 في حين حظي مرشح لائحة حزب الاستقلال لرئاسة المجلس رحال المكاوي ب13 صوتا حصدها من تحالف 5 أحزاب أيضا : الاستقلال(6)، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية(3)،الاتحاد الدستوري(2)، فيدرالية تحالف اليسار (1) و جبهة القوى الديمقراطية(2: صوت وكيل اللائحة العامة منح لمبديع، بينما صوت وكيلة اللائحة النسائية منح للمكاوي).

- نهاية مبديع وعهد السنبلة بجماعة الفقيه بن صالح:

رغم تولي محمد مبديع بمشقة الأنفس، وبفضل تحالف سداسي صعب، مهمة رئاسة مجلس الفقيه بن صالح للمرة الخامسة بعد اقتراع 8 شتنبر 2021، فإن توالي النكبات والضربات المتتالية كانت تؤشر على أن الحظ بدأ يعاكسه، وبأن ختام مسيرته الانتخابية والسياسية لن تكون مسكا.

فقد اعتقل أحد نوابه وأحد عناصر لائحته الانتخابية وأذرعه رفقة قاض وأدين بالسجن النافذ من أجل تهم تتعلق بالابتزاز والارتشاء، ثم طاله بدوره التوقيف والحبس على ذمة التحقيق وإيداعه بسجن عكاشة بالدار البيضاء، ثم صدور قرار توقيفه عن رئاسة المجلس يوم 30 أكتوبر 2023 بقرار عاملي بتبعات من ذلك. 

وارتباطا بملفه أيضا تم تجريد مستشارة جماعية من لائحته من عضوية المجلس الجماعي يوم31 أكتوبر 2023 على خلفية إدانتها بالحبس النافذ لمدة خمسة أشهر  بتاريخ 1/6/2023 بسبب مشاركتها في إصدار رخصة مرضية كاذبة لفائدة مبديع تماطلا منه في المثول أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء لمواصلة الاستماع إليه والبحث معه في المنسوب إليه، وقضائها العقوبة الحبسية النافذة، وتعويضها بمن تليها في اللائحة النسائية لرمز السنبلة.

- تنافس حاد بين الحمامة والميزان على خلافة الوزير المعتقل على رأس جماعة الفقيه بن صالح:

انتهت فترة رئاسة محمد مبديع لجماعة الفقيه بن صالح بعد حوالي 26 سنة من الازدهار السياسي للرجل القوي ولحزب السنبلة في عاصمة بني عمير والمحيط الإقليمي، وتغير اللاعبون والمتنافسون من أجل خلافة مبديع على كرسي رئاسة مجلس جماعة الفقيه بن صالح.

تنافس تشير بوادره ومؤشراته العامة إلى انحصاره بين وكيل لائحة الحمامة البرلماني الحالي والنائب الأول لمحمد مبديع والرئيس السابق للمجلس الإقليمي للفقيه بن صالح كمال المحفوض، وبين رحال المكاوي وكيل لائحة الميزان، البرلماني السابق والكاتب العام الأسبق لوزارة الصحة.

تنافس حاد وشرس يعتبر بمثابة استمرار للتنافس الذي جرى بين محمد مبديع ورحال المكاوي حول رئاسة ذات المجلس يوم  الخميس 16 شتنبر 2021 حيث نال محمد مبديع 20 صوتا مقابل 13 للمكاوي، أو بالأحرى قد يكون بصيغة ثأرية ولتأكيد الإشعاع بالنسبة لعضو المكتب السياسي لحزب الاستقلال، ومن أجل تأكيد القوة والتمثيلية الشعبية الواسعة بالنسبة لكمال المحفوض.

لكنه تنافس غير واضح المعالم خصوصا في ظل عدم الانضباط الحزبي لبعض المستشارين والمستشارات الجماعيين وعدم احترام التحالفات المركزية، إضافة إلى الرغبة المشروعة لكل طرف من الطرفين في ممارسة حق يخوله الدستور وتعززه إمكانية عقد وتوسيع التحالفات الحزبية الممكنة، ليس دائما وفق تقارب وتوافق المبادئ والشعارات الحزبية، ولكن أحيانا وفق معايير لا يفهمها إلا الناخبون الكبار.