استضافت كلية علوم التربية الثلاثاء 6 فبراير الجاري الرئيس السابق للجمعية الدولية للسوسيولوجيا الدكتور ساري حنفي والذي قدم عرضا علميا انطلاقا من تجربته كرئيس سابق للجمعية الدولية للسوسيولوجيا تطرق فيه لمجموعة من التساؤلات التي تتعلق بهذا العلم الذي يعد من أهم العلوم التي تعنى بدراسة المجتمعات الإنسانية والمجموعات البشرية والظواهر الاجتماعية.
وقد تناول السوسيولوجي ساري حنفي في عرضه مجموعة من الأسئلة التي تخص ربط الجماعة العلمية العربية بنظيراتها الدولية في محاولة لتطوير البحث العلمي الاجتماعي خاصة أن البحث العلمي الاجتماعي يتطلب المحلية والتدويل معا، حيث تساءل د. حنفي بخصوص مسألة كفاية التدويل وما هو دور الجمعية الدولية لعلم الاجتماع في تعزيز هذا العلم الكوني؟ خاصة أننا نفكر ونكتب ليس لأنفسنا فقط أو لجامعاتنا ولقرائنا بل للعالم كله، حيث خلص في النهاية إلى اعتبار علم الاجتماع أحد العلوم التي ترتكز على أربعة مبادئ وهي التموضع والمقارنة وعلائقيٌ في منظوره التحليلي ثم العالمية الرخوة كما أسماها.
كما قدم ذات المتدخل، محاولة لإعطاء آفاق للسوسيولوجيا في العالم العربي عموما، وما هي رهانات ذلك؟ وما الذي يجعلها غير منخرطة فيما هو كوني؟ وما هي الإمكانات التي يمكن أن تجعلها منخرطة فيه حتى وإن كان ضئيلا فهو ممتد عبر التاريخ حتى وإن كان أصحابه أقلية بحسب رأي د. ساري حنفي.
هذا وقد اعتبر الدكتور عبد الفتاح الزين في ذات السياق، بأن السوسيولوجيا في المغرب لم تتأسس في نطاق يقوم على لغة دون أخرى، وينذر أن نجد باحثين أو كتابات لا يكون فيها الفرد غير مشتغل أو عارف أو دارس للغتين اثنتين على الأقل بشكل متوازن، وهذا ما أصبحنا نفتقده في جامعاتنا وفي باحثينا على الخصوص، هذا بالإضافة وفي إطار الاشتباك مع الإرث الكوني والذي يمكن أن نقول عنه إرث فرنسي أو إسباني، إلى طرح مفهوم الأفريكانية Afrikanisme والتي اعتبرها رهانا مغربيا إسبانيا لازال يؤثر في مجمل كتاباتهم السوسيولوجية حول المغرب.
كما تطرق بدوره إلى الإنتاج الأنجلوساكسوني مفككا كذلك الإنتاج الكولونيالي متسائلا في نفس الآن كيف استطاع الكولونياليون الأنجلوساكسونيون أن يشكلوا قاعدة ؟ وأن يعودوا في تحاليلهم للمغرب خاصة، والذي يعتبر بحق، مختبرا في التخصص بقضايا العالم العربي والإسلامي خاصة أن الذين طوروا الأنثروبولوجيا الأمريكية اشتغلوا بشكل كبير على المغرب.
داعيا في نفس الإطار، إلى أهمية الانخراط العالمي في كل المدارس، ما سيجعل الباحث منفتحا في اشتغاله على جديد المعرفة الكونية بحيث سيعرف كيف يؤصّل وكيف يقدم الجديد في إنتاجاته بدل أن يعيد اجترار كل ما كتب في السابق، خاصة أنه لا يمكن أن يضع تنظيرا علميا أصيلا ورصينا دون التمكن من آليات التفكير وفق تطور البحث العلمي السوسيولوجي بحس نقدي أو كما سماه د. الزين بالنقد المزدوج الذي أُنتج في سياق لم تكن فيه العولمة على ما هي عليه الآن، وغير منتج للتحليل المطلوب وفق نظرية أو مقاربة بول باسكون حول المجتمع المركب أو المزيج أو المختلط كما أسماه.
جدير بالذكر أن العرض الأكاديمي الذي قده رئيس الجمعية الدولية للسوسيولوجيا سابقا هو عرض تحفيزي مرامه تحفيز الشباب الباحثين لدخول غمار البحث العلمي متسلحين بكل آليات التحليل السوسيولوجي الحديثة، داعيا إلى مشاركتهم في المنتدى العالمي للسوسيولوجيا والذي سيعقد لأول مرة في المغرب والذي حظي فيه بحق استضافة منتدى السوسيولوجيا العالمي لعام 2025 بمدينة الرباط .
هذا ويُعتبر هذا المنتدى الدولي مكانًا علميًا عالميًا يجمع بين المهتمين والباحثين في مجال علم الاجتماع، كما سيكون منصة بارزة لعرض ومناقشة مختلف القضايا والتحديات العالمية المتعلقة بعلم الاجتماع.
ومن المتوقع مشاركة ما بين 5000 و6000 باحث يُمثلون 127 دولة مختلفة خلال الفترة من 7 إلى 11 يوليوز 2025. في هذا الملتقى والذي يعد فضاء عالميا للباحثين في علم الاجتماع، ويشكل محطة لمناقشة قضايا علمية بحثية إضافة إلى تناول قضايا مجتمعية في أبعادها الإقليمية والدولية، والتحديات الكبرى التي تواجه البشرية من منظور علم الاجتماع.