عزيز المسناوي
صادق مجلس النواب بالأغلبية، أمس الإثنين، على مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة في إطار قراءة ثانية، وذلك في جلسة تشريعية جاءت عقب جلسة عمومية للأسئلة الشفوية، إذ صوت 72 نائبا برلمانيا بالإيجاب، فيما امتناع 29 آخرين عن التصويت دون تسجيل أي معارضة.
وفي تقديمه للقانون، قال عبد اللطيف وهبي وزير العدل، أن العقوبة السالبة للحرية، القصيرة المدة، ليست هي الحل أو الخيار الأنسب لإصلاح المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم داخل المجتمع، بل هي تشكل وسيلة عقابية باهظة التكاليف لاسيما في ظل الارتفاع المتزايد للساكنة السجنية والتي بلغ عددها حسب الإحصائيات المتوصل بها من قبل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى متم شهر ماي 2024 ما مجموع 102127 معتقلا.
هذه الوضعية، حسب الوزير، تستدعى اعتماد نظام العقوبات البديلة كحل معول عليه لتجاوز الإشكالات المطروحة لاسيما وأن النصوص التشريعية والتنظيمية لمختلف الأنظمة الجنائية المقارنة تؤكد التوجه الجديد نحو إقرار العقوبات البديلة كسبيل لمراجعة وتطوير السياسة الجنائية والتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، والتغلب على الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية، خاصة القصيرة المدة التي لا يكفي زمنيا لتحقيق برنامج تأهيلي فعال ومتكامل، زيادة على كونها تسمح باختلاط من هم قليلو الخطورة مع سجناء خطرين، وهو ما أثبت عدم جدوى العقوبات السالبة للحرية في تحقيق الردع المطلوب وإصلاح وتأهيل السجناء.
واعتبر أن التنزيل الأمثل للعقوبات البديلة وتأطير اختصاصات الجهات المتدخلة، إحدى أهم المرتكزات الأساسية لإنجاح هذا الورش التشريعي الهام، مؤكدا أن مشروع قانون العقوبات البديلة تضمن حيزا كبيرا لدور مختلف الأجهزة المتدخلة في عملية تنفيذ العقوبات البديلة، من خلال تعزيز دور النيابة العامة في تفعيل العقوبات البديلة ومراقبة تنفيذها، ومنح سلطة واسعة للقاضي الزجري في الحكم بالعقوبات البديلة في إطار السلطة التقديرية.
كما أسند المشروع، يضيف المسؤول الحكومي، مهمة التنفيذ القضائي للعقوبات البديلة إلى قاضي تطبيق العقوبات، تماشيا مع التوجه الجديد للسياسة الجنائية الوطنية نحو توسيع صلاحيات هذه المؤسسة وكذا منح الصلاحية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج فيما يخص تتبع تنفيذ العقوبات البديلة.
وشدد المتحدث ذاته، أنه سيحرص على إخراج النص التنظيمي المرتبط بالسوار الإلكتروني وتوفير الإمكانيات اللازمة لتنزيله على الوجه الأمثل داخل الأجل القانوني المحدد له، إلى جانب حرص الجهات المتدخلة على القيام بعدد من الإجراءات.
وفي هذا السياق، أبرز وزير العدل أن الجهات المتدخلة ستحرص على التشجيع على اللجوء إلى العقوبات البديلة، وتحسيس المجتمع بأهمية ونبل العقوبات البديلة وعلى التعايش مع المحكومين بها، إلى جانب توفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية الكفيلة بتفعيل العقوبات البديلة.
ومن بين الإجراءات التي سيتم القيام بها، وفقا للمسؤول الحكومي، السعي إلى الفهم المشترك والسليم للنصوص القانونية الناظمة للعقوبات البديلة من خلال إعداد دليل عملي استرشادي موجه لفائدة جميع المتدخلين وكذا عقد دوارات تكوينية وندوات علمية في هذا الإطار، فضلا عن تأهيل المحكوم عليهم لتقبل العقوبة البديلة وتجاوز فكرة الوصم الاجتماعي.
جدير بالذكر أن مجلس المستشارين، صادق بالأغلبية على قانون المتعلق بالعقوبات البديلة في جلسة عامة تشريعية بتاريخ 4 يونيو 2024، بموافقة 36 مستشارا برلمانيا وامتناع 6 مستشارين برلمانيين عن التصويت