صادق المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، بشكل تام، على حسابات التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام برسم سنة 2023، مع الدعوة للحفاظ على الحقوق المكتسبة للمؤمنين وعلى حقوق مستخدمي الصندوق والتعاضديات في مشاريع إصلاح التأمين الإجباري عن المرض.
وأفاد بلاغ للصندوق، بأن مجلسه الإداري صادق، خلال انعقاد دورته الـ28 يوم الخميس الماضي برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بالقطاع العام، برئاسة ميلود معصيد، على التقرير المالي والتقرير المتعلق بنشاط الصندوق لسنة 2023.
وأضاف المصدر نفسه، أن سنة 2023 عرفت تسجيل الصندوق لإنجازات هامة في مجال تبسيط المساطر ورقمنتها، وتبادل المعطيات مع الشركاء لتيسير الاستفادة من الخدمات، ومواصلة محاربة الغش والتحايل بتنسيق مع التعاضديات، خاصة بعد تطوير برنامج معلوماتي فريد على الصعيد الوطني “CNOPS360” يمكن من تتبع استهلاك المؤمنين ومنتجي العلاجات والتصدي لمحاولات الغش.
وأبرز أنه، وبفضل الإنجازات التي حققها الصندوق في مجال ضبط مؤشرات التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام، صادق المفتحص الخارجي، للمرة العاشرة على التوالي، على حسابات هذا النظام لسنة 2023 دون تسجيل أي تحفظ. كما صادق المفتحصون الخارجيون على حسابات نظام التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالطلبة منذ انطلاقه سنة 2016، والتغطية الصحية لضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان 1956-1999 والقطاع المشترك والمصحة التعاضدية.
وبالتالي، فقد صادق المفتحصون على حسابات جميع الأنظمة التي يتولى الصندوق تدبيرها، والتي تهم 3.8 مليون شخص، وهو ما يعد سابقة على صعيد مؤسسات الحماية الاجتماعية.
واستعرض المجلس الإداري مؤشرات التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام خلال سنة 2023، حيث بلغ عدد المستفيدين 3.111.030 شخص وبلغت اشتراكات المؤمنين 6.31 مليار درهم، مقابل 6.12 مليار درهم سنة 2022، أي بزيادة بنسبة 3 في المائة.
ومقابل هذا النمو البطيء للاشتراكات وبعد معالجة 6 ملايين ملف مرض، بلغت الأداءات 7.45 مليار درهم سنة 2023، مقابل 5.86 مليار درهم سنة 2022، مسجلة بذلك زيادة بـ 1.59 مليار درهم ( 27 في المائة ).
وقد ناهز مجموع الأداءات لفائدة المؤمنين ومنتجي العلاجات، منذ دخول التأمين الإجباري عن المرض حيز التنفيذ سنة 2005، ما مجموعه 79 مليار درهم، ليكون الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بذلك “أول ممول للتغطية الصحية ببلادنا”.
وبحسب الصندوق، فقد سجل التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام، نتيجة التفاوت بين الاشتراكات والأداءات سنة 2023، عجزا ماليا ب 1.28 مليار درهم، بعد تسجيل عجز مالي سنتي 2021 و 2022 بــ 1.51 مليار درهم و 878 مليون درهم على التوالي. وقد أدى العجز المسجل لثلاث سنوات متتالية إلى لجوء الصندوق لاحتياطه الأمني والذي استعمل منه 1.6 مليار درهم لمواصلة الوفاء بالتزاماته إزاء المؤمنين ومنتجي العلاج، وهو ما قد يؤدي إلى استنفاذ هذه الاحتياطيات في أفق سنة 2027.
ومن بين أهم العوامل المفسرة للوضعية المالية للصندوق إثقال سلة العلاج، خاصة بالأدوية المكلفة، في غياب دراسة طبية ومالية لها، وارتفاع سعر الأدوية والمستلزمات الطبية والتحاليل البيولوجية وعلاجات الأسنان وتأخر المصادقة على تسقيف التعويض عن بدائل الأسنان من السيراميك والمعدن، إضافة لغياب آليات التحكم الطبي في نفقات العلاج واعتماد سقف للاشتراكات وعدم مراجعة نسبتها منذ سنة 2005.
ومن بين العوامل أيضا ارتفاع عدد المصابين بالأمراض المزمنة والمكلفة ونفقاتهم (3.7 مليار درهم سنة 2023، أي 53 في المائة من النفقات)، وشيخوخة الساكنة المؤمنة (ارتفعت نسبة المؤمنين المتقاعدين من 20.8 في المائة سنة 2006 إلى 38,4 في المائة سنة 2023)، إضافة إلى ارتفاع نسبة المراضة “Sinistralité” من 51.6 في المائة سنة 2022 إلى 52.9 في المائة سنة 2023.
وبناء عليه، صادق المجلس الإداري على قرار يحث من خلاله السلطات المعنية على اتخاذ الإجراءات الاستعجالية اللازمة للحفاظ على ديمومة التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام ولاستعادة توازنه.
إلى جانب ذلك، يضيف البلاغ، “تناول المجلس الإداري مشروع القانون المتعلق بدمج أنظمة التأمين الإجباري عن المرض، والذي لم يستشر بشأنه لا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، بصفته جهازا مدبرا، ولا التعاضديات، بصفتها تقود إلى جانب الصندوق تجربة فريدة على الصعيد الوطني منذ 74 سنة تمكن من التدبير المندمج للتغطية الصحية الأساسية والتكميلية”.
ونقل البلاغ عن السيد ميلود معصيد، تذكيره، في مداخلته الافتتاحية “بالانخراط التام والمسؤول للصندوق والتعاضديات في الورش الملكي السامي لتعميم التأمين الإجباري عن المرض واستعدادهما المتواصل والمتجدد لوضع تجربتهما وخبرتهما المشهود لهما بها على مدى سبعة عقود رهن إشارة الفاعلين للمساهمة في صون كرامة المواطنين وتعزيز حقهم الدستوري في الولوج والاستفادة من العلاجات”.
كما اعتبر السيد معصيد أن “إقصاء أو تهميش الصندوق والتعاضديات من الإصلاحات المزمع تنفيذها لا ينسجم مع مبدأ الإشراك الوارد في القانون الإطار 21-09 المتعلق بالحماية الاجتماعية ولا مع المكانة الدستورية التي يحظى بها القطاع التعاضدي”، مضيفا أن “قرار دمج الأنظمة ودراسة جوانبه المالية والتدبيرية ووقعها على المؤمنين والدولة، إضافة للصندوق والتعاضديات، هو من اختصاص اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية واللجنة التقنية المنبثقة عنها”.
وقد حث المجلس الإداري “الحكومة على الحفاظ على الحقوق المكتسبة للمؤمنين وحماية مستخدمي الصندوق والتعاضديات على ضوء ما تحمله مضامين مشروع القانون 23-54 حول دمج أنظمة التأمين الإجباري عن المرض من صيغ مبهمة تهدد مستقبلهم ومن مقتضيات تضع الصندوق والتعاضديات خارج نطاق التأمين الإجباري عن المرض”.
وفي الأخير، دعا المجلس الإداري السلطات المعنية للتعجيل بالمصادقة على النظام الأساسي لمستخدمي الصندوق والذي لم يعرف أي مراجعة منذ سنة 2011، معتبرا أن “التأخر في هذه المصادقة وضبابية مستقبل الصندوق والتعاضديات قد تسببا في استنزاف الموارد البشرية وإلى استقطابهم من طرف مؤسسات عاملة في مجال الحماية الاجتماعية”.
وفي ختام أشغال المجلس الإداري، جدد الصندوق والتعاضديات انخراطهما في الورش الملكي لتعميم التأمين الإجباري عن المرض وتجندهما الدائم لمواكبة هذا الورش وضمان ديمومته بفضل خبرتهما وتجربتهما وتمسكهما بمبادئ التضامن الاجتماعي وبكل ما يخدم مصالح المؤمنين ويحافظ على المكتسبات ويساهم في تثمينها وتطويرها.
و م ع