نورالدين زوبدي
إن ارتفاع أسعار اللحوم والخضر
والفواكه إلى مستويات قياسية، لايمكن تبريره بالمضاربات، أو أي شيء أخر، من غير
ذكر الأسباب الحقيقية، التي تطرقنا إليها في مقالات سابقة، في الوقت الذي يسمح
بتدارك الخصاص، وحصول الازمة بالكفية والصورة المآساوية .
بدون شك، فالجميع قد وصل إلى
القناعة الواضحة، وهي أن نقص الإنتاج هو السبب في ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة
بشكل عام، وهذا يتطلب بسط دقيق للعوامل التي ساهمت في حدوثه، واقتراح المخارج
الآنية والمستقبلية.
الجفاف يعتبر أحد الأسباب الرئيسية،
وكان بالإمكان تفادي الأضرار، لو أن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير في وقتها منها:
* تسريع انجاز محطات تحلية ماء
البحر ، تعميم السقي الموضعي ، وفرض اجباريته، من أجل نتمكن من تدبير الموارد
المائية وفق المتطلبات، وحسب الحاجيات الضرورية.
*تفادي الضغط على الأحواض المائية
من طرف الحواضر الكبرى (قصد تزويدها بالماء الصالح للشرب) ، عبر تزويدها من البحر
، وتقديم الدعم إلى الشركات المعبئة للماء الصالح للشرب ، كما هو معمول به في بعض
الدول الاوروبية ، رغم من انها لا تعاني من نقص في المياه.
*دعم الفلاح لكي يبقى صامدا في
وجه كل هذه التحديات ، وليس التخلي عنه ليواجه كل هذه المحن ، فإفلاس العديد من
المزارعين كان له الأثر البالغ على الإنتاج، وهنا يمكن أن نطرح مجموعة من الطرق
لدعمه :
- اولها إيقاف كل المتابعات
المسطرة في حق الفلاحين جراء عدم أداء المستحقات ، سواء كانت اكرية اراضي أو
تكاليف الإنتاج (اسمدة ، أدوية، بذور ....) .
-اعادة جدولتها بالشكل الذي يضمن
له الوفاء بها ،والاستمرار في ممارسة النشاط الفلاحي.
*تجنب الوسطاء وتقديم الدعم بشكل
مباشر ، لأن تجار الازمات يتحينون الفرص ، فيفسدون أية مبادرة ، والضحية هو الفلاح
والدولة التي لم تحقق الأهداف المرجوة من الدعم(اضاحي العيد ، الاعلاف ، الاسمدة
....) .
* إيقاف البناء بالشواطىء بغرض
استغلالها في الزراعة ، لأنها الأقرب إلى محطات التحلية ،لتفادي تكلفة نقل المياه
إلى المناطق الداخلية ، التي يمكن تحويلها إلى مناطق صناعية مستقبلا ، كما هو
معمول به في غالبية الدول الغربية .
لايمكن ابدا أن نحقق الأمن
الغذائي ، والمكلف بتنزيله على أرض الواقع ( الفلاح ) يعيش ضائقة مالية ، لايستطيع
في ظلها ممارسة النشاط الفلاحي المعهود ، حيث أن الغالبية لم تعد قادرة على إنتاج
حتى ما تأكل ، وبالأحرى تزويد السوق بالمواد الزراعية الغذائية واللحوم .
من الصعب جدا في الوقت الحالي ،
أن تتحسن الظروف ، وتتراجع الأسعار( تجاوزت اسعار الدول الأوربية ) ، مادامت وضعية
الفلاح المالية ، لا تسعفه ليعود إلى الحقل لإنتاج الغداء ، وهذا يتطلب من الدولة
تبني برنامج استعجالي يكون الهدف منه هو إخراج المزارع من حالة الإفلاس إلى
الانتعاشة والعودة إلى الإنتاج بالطرق العصرية المقتصدة للماء .