في قلب الأطلس المتوسط، حيث تنساب الوديان وتفور العيون، تعيش بني ملال على وقع مفارقة صارخة. المدينة الملقبة بـ"مدينة الماء"، باتت خلال الأيام الأخيرة عطشى، محرومة من أساسيات الحياة: الماء الصالح للشرب.
خمسة أيام مضت وكأنها دهر على سكان المدينة، البحث عن الماء تحول إلى الشغل الشاغل للجميع، من الصغير إلى الكبير، في رحلة يومية للبحث عن قطرة تروي عطشهم وعطش عائلاتهم.
عبر العديد من سكان بني ملال عن استيائهم من طول فترة الانقطاع ومن الطريقة التي أُديرت بها الأزمة، وحتى على منصات التواصل الاجتماعي، تلاحقت صرخات الغضب والاستياء "كيف لمدينة غنية بالمياه أن تعاني العطش؟" تساءل أحد المستخدمين بحيرة. في حين عبّر آخرون عن مشاعرهم بتشبيهات ساخرة: "بني ملال تعيش فيلم حياة الماعز... ولا ماء في مدينة الماء."
على مدار خمسة أيام، وجد سكان عاصمة الجهة أنفسهم في مواجهة وضع لم يعتادوا عليه. صنابير المياه جفت، والبحث عن مصادر بديلة أصبح أقصى متمنياتهم. بعضهم لجأ إلى عين أسردون للحصول على مايحتاجونه من مياه ، بينما آخرون اضطروا للبحث عن آبار قد تروي عطشهم و تخفف من وطأة الأزمة.
لم تقتصر معاناة السكان على تأمين مياه الشرب فحسب، بل شملت أيضا الاستخدامات اليومية الأخرى. فقد باتت المنازل تفتقر إلى مياه الطهي والتنظيف، مما دفع العديد من الأسر إلى تقنين استهلاكها وإعادة تقييم أولوياتها.
وقد سارعت جماعة بني ملال إلى تعبئة شاحنات صهريجية لتوفير المياه للأحياء المتضررة، سعيا منها لتخفيف معاناة السكان . وعلى الرغم من أن هذا التدخل ساعد في تلبية بعض الاحتياجات الأساسية، إلا أنه لم يكن كافيا .
و في ظل تزايد تساؤلات الساكنة، أصدرت الوكالة المستقلة للماء بيانا أكدت فيه أن الانقطاع الناتج عن تعكر المياه بسبب الفيضانات التي أثرت على محطة التصفية في أفورار، وأنها تعمل جاهدة لحل المشكلة في أسرع وقت ممكن. وأشارت الوكالة إلى أنه بمجرد إصلاح العطل، سيتم استئناف توزيع الماء بشكل طبيعي على كافة الأحياء المتضررة.
و مع انتهاء الأزمة ابتداء من صبيحة يوم غد الأربعاء ، يبقى السؤال المطروح: كيف يمكن تجنب مثل هذه الانقطاعات مستقبلا؟
ويطالب السكان والمجتمع المدني بتعزيز البنية التحتية للمياه وضمان صيانة دورية للشبكات، بالإضافة إلى تحسين إدارة الموارد المائية في المدينة.