تسعى جهة بني ملال-خنيفرة للحفاظ على مكانتها كأول مزود بزيت الزيتون على المستوى الوطني، حيث ينطلق الموسم الجديد لزراعة الزيتون تحت شعار الصمود في مواجهة ندرة الموارد المائية.
فإزاء إنتاجية تأثرت بشدة جراء عدم انتظام التساقطات المطرية وتعاقب ست سنوات من الجفاف، تطمح زراعة الزيتون، وهي واحدة من أهم القطاعات الزراعية ذات القيمة الاقتصادية القوية على الصعيد الجهوي، لإظهار قدرتها على الصمود في مواجهة تغير المناخ من خلال السعي للحفاظ على إنتاج مستدام بالرغم من كونه أقل مما كان عليه في السنوات الماضية.
ويهدف هذا القطاع، الذي يساهم لوحده بنحو 17 في المائة من الإنتاج الوطني من زيت الزيتون وزيتون المائدة، إلى الحفاظ على مكانته كأول منتج وطني، من خلال توقع إنتاج 96 ألف طن من الزيتون، أي بزيادة قدرها 18 في المائة مقارنة مع الموسم الفلاحي السابق الذي سجل إنتاجا بلغ 81 ألف طن.
وقد تم تسجيل هذا المحصول بفضل تنفيذ ست عمليات للسقي التكميلي، وهي مبادرة يشرف عليها المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتادلة، وتهدف إلى التقليص من آثار ندرة التساقطات المطرية، واستعادة التوازن بسلسلة الزيتون وقطاعات فلاحية أخرى.
كما تحسن أداء القطاع عقب التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة التي شهدتها جهة بني ملال-خنيفرة، والتي ساهمت في زيادة نسبة ملء السدود الرئيسية بالجهة، ولاسيما سدا (بين الويدان) و(أحمد الحنصالي).
زراعة الزيتون.. نشاط مزدهر بجهة بني ملال -خنيفرة
يضطلع قطاع الزيتون بدور سوسيو- اقتصادي هام من خلال خلقه لما بين 3 و 4 ملايين يوم عمل، علما أنه في العام العادي، يسجل الإنتاج الجهوي معدل 215 ألف طن.
ويتركز هذا القطاع، الذي يمثل نحو 73 في المائة من مساحة الأشجار بالجهة، على صعيد المنطقة السقوية ب67 ألف و400 هكتار مزروعة أي 63 في المائة من المساحة الإجمالية، والمنطقة البورية ب38 ألف و828 هكتار (37 في المائة).
وقد انتقلت المساحة المسقية بجهة بني ملال-خنيفرة باستخدام الري الموضعي من 750 هكتار إلى 8800 هكتار منذ إطلاق "مخطط المغرب الأخضر".
وبالنسبة للمساحة الإنتاجية، فإنها تفوق 88 ألف هكتار، بما يمثل قرابة 83 في المائة من إجمالي المساحة المخصصة لزراعة الزيتون خلال عام فلاحي عادي.
وإلى غاية اليوم، تتراوح أسعار الزيتون بجهة بني ملال- خنيفرة ما بين 14 و15 درهم للكيلوغرام، وأسعار زيت الزيتون ما بين 90 و 110 دراهم للتر.
وبحسب العديد من منتجي زيت الزيتون بالجهة، فإن هذه الأسعار تبقى معقولة، عازين ارتفاع الأسعار إلى الظروف المناخية الصعبة للغاية وتعاقب سنوات الجفاف.
ويعطي موسم عصر الزيتون دفعة قوية لفرص الشغل، ويشكل نشاطا مدرا للدخل لفائدة حوالي ألفي معصرة متواجدة بجهة بني ملال-خنيفرة.
مزيج من أصناف الزيتون و"البيكولين" المغربي في الصدارة
تتميز جهة بني ملال- خنيفرة بتنوع أصناف الزيتون، وأبرزها صنف (البيكولين) المغربي بنسبة 85 في المائة من إجمالي المساحة المزروعة، فيما يتم إنتاج أصناف إسبانية أخرى في مساحات تقل عن 10 في المائة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد أحمد الناهي، وهو صاحب وحدة لإنتاج زيت الزيتون بجماعة برادية بالفقيه بن صالح، أن جهة بني ملال- خنيفرة تشتهر بشكل خاص بزيت الزيتون الأصيلة، مشيرا إلى أن قلة الموارد المائية أثرت بشكل كبير على المردودية.
وأضاف أن جهة بني ملال- خنيفرة وإقليم الفقيه بن صالح يشتهران بوفرة وجودة إنتاجهما، مفيدا بأن صنف "البيكولين" المغربي أو الزيت "البلدية" يظل الأكثر طلبا من طرف زبناء الجهة.
وأوضح السيد الناهي أن "البيكولين" المغربي معروف بنكهته الخاصة وجودته العالية، مبرزا أن الطلب الوطني على زيت الزيتون بهذه الجهة ما فتئ يتزايد، وأن المبيعات تحافظ على وتيرتها العادية على الرغم من الجفاف.
وأضاف أن زيت الزيتون ببني ملال تعد المنتوج الأبرز بجماعة برادية، موضحا أن صنف "البيكولين" يحافظ على لونه الأخضر وطعمه لفترة أطول من الأصناف الأجنبية الأخرى، مضيفا أنه يقاوم أيضا الحرارة بفعل ميزة أوراقه التي تحافظ على الماء.
جهود حثيثة للنهوض بقطاع زراعة الزيتون
يتم بذل جهود كبيرة بجهة بني ملال-خنيفرة بهدف توسيع المساحة المزروعة وإدخال أصناف جديدة، بالإضافة إلى تحديث وحدات عصر الزيتون لتمكين القطاع من تلبية متطلبات السوق الوطنية في سياق الجفاف والمنافسة العالمية.
كما ساهمت المديرية الجهوية للفلاحة بتعاون وثيق مع المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتادلة في تنفيذ برنامج طموح يهدف إلى إعادة تأهيل وحدات عصر زيت الزيتون ووحدات إنتاج زيتون المائدة، وذلك من أجل تثمين جني الزيتون والحفاظ على السلامة الصحية للمستهلك والبيئة.
وفي إطار استراتيجية "الجيل الأخضر 2020-2030"، تمت برمجة سلسلة من المشاريع الرامية إلى تثمين زيت الزيتون في التعاونيات التي تنشط في القطاع بالجهة. كما يتم سنويا تقديم دعم كبير من طرف الوزارة الوصية لقطاع الزيتون بالجهة.
و م ع